هذا أول الكتب التي نشرها جبران خليل جبران اللغة الإنكليزية وقد ضم بين طياته خمسًا وثلاثين حكاية وقصيدة. في المجنون القصص اللاذعة التي يتهكم بعيدة المغزى تجسد المرارة والخيبة والنقمة على وجود الخبث والجهل والتحجر، وقد جعل بطله مجنونًا ليتهرب من المنطق، فلا أحد يعاتب المجنون، أو كما قال جبران لأن الجنون أول خطوة نحو التّجرد، وهو يساعد كما في عرف المدرسة السريالية، على إدراك ما وآراء نقاب العقل من أسرار. يتناول الكتاب موضوعًا واحدًا، وهي مشكلة الذات بعلاقتها بنفسها وبالآخرين، بالكون وبالله، وهذا الموضوع اجتماعي وميتافيزيقي، والكتاب يمثّل السائر على نفسه وعلى تقاليد مجتمعه وقيمه والمتحرر فيها، ويضم المجنون مجموعة أمثال ترمز إلى التّحرر ونبذ التّقاليد، والسّمو الرّوحي والتّوق إلى الكمال وذلك بلغة مبسطة تعتمد الدرامى المؤثرة والاستعارات والتشابيه الدقيقة الطريفة. ولا بدَّ لقارئ جبران من أن يتوقف مليًّا أمام ما تزخر به أعمالُه من إشارات إلى مفهوم "الجنون"، ومن شخصيات أطلق عليها صفة "المجنون". فالمجنون عنده يرتبط بالاختلاف عما هو سائد، وبعدم قبول الواقع وما يفرضه من ابتعاد عن المواصفات التي تليق بحياة الإنسان، باعتباره ممثلاً للألوهية على الأرض؛ ومن ثَمَّ بالرغبة في التمرد على هذا الواقع، ورفض الشرائع والتقاليد الظالمة التي يفرضها، وبالطموح إلى بناء عالم آخر، أكثر إنسانية وجمالاً وعدالة — ولو بالوهم وحده.